السبت، 11 ديسمبر 2010

من دروس الهجرة النبوية

تمر على الإنسان المناسبات الواحدة تلو الأخرى يجدد فيها قوته وإيمانه ويغير من آلية نشاطاته لما في التغيير من أثر نفسي يرجع على الأنسان فيمضي قدماً مبدعاً في أعماله ونحن في هذه الأيام نعيش ذكرى غالية على قلب كل مسلم ذكرى لابد أن نستغلها خير أستغلال لنجدد إيماننا ونشعل جذوته في صدورنا لكي ننفع الناس ونقدم لهم كل ماهو مفيد ويصب في مصلحة الأنسانية جمعاء وهي ذكرى الهجرة النبوية على صاحبها أفضل الصلاة وأزكى السلام تلك الهجرة تعلمنا درس مهم من دروس هذه الحياة الفانية وهي ضرورة التغيير ولابد أن ندرس التغيير الذي نسلكه من كل النواحي وأثره على الفرد والبيئة فبعد مضايقة كفار قريش وبعد ما بلغ الأذى مبلغه قرر صلى الله عليه وسلم وبالهام آلهي أن يهاجر هو والذين ءامنوا معه ليكتشف بيئة صالحة لدعوته الجديدة فيمم أتجاه يثرب متوكلاً على الله سبحانه وتعالى آخذاً بقرار التغيير فأمر الذين أتبعوه بالهجرة وهنالك أستقبل خير أستقبال من قبل الأوس والخزرج الذين كانوا متفرقين فأصلح بينهم رسول الله وأطلق عليهم لقباً مشتركا ألا وهو "الأنصار" لكي يتوحدوا قلباً وقالبا هناك أستقبل الحبيب المصطفى خير أستقبال بالأهازيج والكلام العطر هو وصاحبه أبو بكر الصديق "رضي الله عنه" فالدرس هنا أيضاً بتغيير الأوس والخزرج من قبيلتين متنافرتين إلى صف واحد حتى المسمى تحول إلى أسم مشترك وهو الأنصار لكي يتساووا جميعاً تحت راية واحدة فساهم هذا التوحيد في بأنشغالهم بحال الأمة متناسين كل الحواجز القبلية والمادية ودرس من نوع آخر وهو تغيير أسم يثرب والذي يعني الجدب والقحط إلى أسم المدينة المنورة أو طيبة لمَ في الأسم من أنشراح وأريحية عند سماعه أو نطقه فهي بعد مقدم رسول الله أنورت وأعشبت وزادت الأرزاق فيها وتيسرت أمور الناس وهذه من كرامات الحبيب المصطفى صلوات ربي وسلامه عليه وأثر التغيير حتى في المسميات يولد أثر طيب ليس على الفرد فقط وإنما كذلك على البيئة .ونحن لو أخذنا بمبدأ التغيير في الحياة كما قال الله في كتابه العزيز : ( إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم) لصادفنا – بإذن الله – التوفيق والنجاح في أمور حياتنا وإن الأستمرارية على نمط معين يولد الفتور في النفس والكلل والملل وقد يقصر الأنسان في عمله بسبب التكرار والسير على روتين يومي مكرر وإن كان من المخلصين فسيهاجمه الشعور بالفتور والحياد عن جادة الصواب وهذا ما يبينه أو يدخل في معناه حديث رسول الله صلوات ربي وسلامه عليه حين قال : (روحوا القلوب ساعة بعد ساعة فإن القلوب إذا كلت عميت) .هكذا نطل عليكم من إحدى دروس الهجرة التي تعودنا أن نحتفل فيها كل عام ولكن لا يجب علينا أن نحييها بالأمسيات دون أن نتوقف على دروسها لنجني العبر ونجعلها نصب أعيينا فإن أحتفلنا فقط دون ذلك فما الفائدة؟! علينا المبادرة والتغيير وعدم الجمود في طريق واحد ولكن لا بد أن يكون هذا التغيير مثل ما أسلفنا يراعي كل القيم والمباديء التي أمرنا بها ديينا الحنيف وأن نيسر لا نعسر وأن نبشر لا أن ننفر وأن يكون ديدننا السماحة في حدود طاعة الله عز وجل فديننا دين معاملة نعامل الناس سواسية فلا نظلم ولا نميز وليكن المقياس بيننا هو التقوى الذي لا يعلمه إلا الله عز وجل .وهذا درس واحد فقط من دروس الهجرة الشريفة ومنها نتعلم كيف يتم أختيار الصحبة الصالحة التي تعين على طاعة الله وفعل أوامره فنرى الحبيب المصطفى يختار الصدّيق ليكون له صاحباً في رحلة تعتريها الخطورة ويثبت أبو بكر رضي الله عنه صدق صحبته فبينما رسول الله صلى الله عليه وسلم نائم كان أبو بكر يسد الجحر برجله فلدغته أفعى فأبى أن يتحرك فدمعت عيناه فسقطت دمعته على وجه الرسول الشريف فأستيقظت فعرف السبب فأخذ يدويه بريقه صلوات الله عليه ،وكيف كان أبو بكر يمشي تارةً أمامه وتارة خلفه وتارة عن يمينه وتارة عن يساره خوفاً على رسول الله من أن يباغته أحد فتعلمنا الهجرة من هذا المنطلق أختيار الصحبة الصالحة التي تساندك في الحق ولا تخاف في الله لومة لائم.وهناك العديد العديد من الدروس التي لابد أن نتعلمها من حادثة الهجرة النبوية على صلحبها أفضل الصلاة وأزكى التسليم لكي نقتدي به في حركاته وسكانته ولنغير من حالنا من الركود إلى الحراك من أجل خير الأمة والبشرية جمعاء .
25 ذي الحجة 1431هـــ
1 ديسمبر2010م