الأحد، 3 مايو 2015

من ذاكرة القيظ!!


هبت رائحة القيظ وجاءت بوادره ،والنفس تدغدغ الوجدان بذكريات جميلة عشناها مع القيظ بكل تفاصيله الجميلة لكي نرويها على الأجيال القادمة ،ذكرى رائعة تأخذ الفكر بعيداً هناك تتوقف الدقائق والثواني معلنة أن الزمن الجميل مستحيل عودته زمن الصبا الذي غادرنا هو جنة العمر وأجمل أيامه.
بداية القيظ عندما تغلق المدارس أبوابها معلنةً بداية العطلة الصيفية من يونيو حتى سبتمبر ،وفي هذه الفترة تعلن مدارس القرآن أو المراكز الصيفية عن بدايتها مشرعة أبوابها لكل من يريد الأرتواء من العلم الشريف من قرآن وفقه وعقيدة وحديث ،لكي تقطف من كل بستان زهرة ،لا زالت الذاكرة تختزل تلك الأيام عندما كان معلم القرآن يجمعنا في صعيد واحد في مبنى خاص تم تقسيمه نصفين للفتيات والفتيان نجلس بكل أريحية على حصير ونتوافد طوابيرا على المعلم لكي نقرأ آيات القرآن أو نتلوها حفظاً من الساعة الثامنة وحتى الحادية عشر وعندما تنقطع الكهرباء كنا نخرج تحت ظل شجرة وارفة الظلال وما أن تعلن الحادية عشر ظهراً حتى نغادر المدرسة الى بيوتنا ومنا من يتجه إلى الفلج للأستحمام والمتعة وصيد الأسماك الصغيرة في سواقي الفلج يعلو صراخنا تارة وضحكاتنا تارة أخرى وكأننا في جنة ليعلن بعد ساعة أذان الظهر نتجهز لنصلي في المسجد تتلحم صفوفنا بكل أريحية كأننا أخوان من بيت واحد وكم من شقاوات فعلناها في المسجد وأصوات مزعجة غضب علينا كبار السن وعاتبونا بكل غلظة والويل لكل من يتم الأبلاغ عليه عند أبيه فسوف يلقى حساباً عسيرا ،تنقضي صلاة الظهر وننتشر في الأرض كلٌ إلى بيته نتناول وجبة الغذاء وننام قليلاً إلى صلاة العصر نقوم بعدها لعمليات الزراعة من رقاط :وهي عملية جمع التمر المتساقط من النخيل ليكون علفاً للمواشي  والخراف:وهي جني ثمار الرطب الطازجة للأكل اليومي طيلة الصيف ومن هذه الأصناف الخلاص والخنيزي والخصاب والزبد  ،أما الجداد :فهي عملية حصاد التمور التي يتم تخزينها للشتاء بعد تنقيتها وغسلها وتعريضها للشمس ومن ثم كنزها في أواني خاصة للأكل الشتوي ومن هذه الأصناف الحنظل والفرض والخلاص والخنيزي والبرني والكثير منها ليحقق أكتفاء ذاتي من المخزون التمري لطيلة العام لأنه عنصرٌ أساسي للضيافة العمانية في كل المواسم مع القهوة العربية .
أما المساء وبعد صلاة المغرب والعشاء نخلد للنوم مبكراً لأجل صلاة الفجر في جماعة ،كنا إذا كان هناك وقت فراغ من المدرسة نمشي في تلك الحقول ورائحتها العشبية الجميلة والندى على الأوراق منظرٌ لا تمله النفس ،نلاحق أعشاش الدبابير لأكل مافيها ونمسك بصغار الطيور لكي نربيها في منازلنا لم تكن الحياة محصورة أبدا بين الجدران وامام الشاشات كانت الحياة أن تحس بالحرية لا تقيد فيها أبدا،ألعابنا "اللولو" وهي الكرات الزجاجية الصغيرة و"المقاطعة" لعبة لا تسمع بمرور خصمك من منطقتك في رسم مربعي أما "العنبر" فهي حركية بشكل كبير نملأ عبوات فارغة بالرمل وان نحذر من أن يضربنا الخصم بالكرة لذلك نحمل العصي لصد الكرة والعديد من الألعاب  .

الشوق للقيظ تغير معناه فقد سُلمت المزارع والمحاصيل للوافدين تغير طعم القيظ لأننا نقضيه الآن تحت المكيفات الباردة نتمدد لا حراك لنا أو في عملنا لثمان ساعات تطول أو تقصر ،ربما لأننا لسنا أطفالاً الآن ولكن يوجد طفلٌ بداخلي تهتز مشاعره كلما مر طيف ذكرى القيظ!.

هناك 4 تعليقات:

daloo3a يقول...

السلام عليكم ورحمة الله و بركاته

لم تكن الحياة محصورة أبدا بين الجدران وامام الشاشات كانت الحياة أن تحس بالحرية لا تقيد فيها أبدا

ذكرتني بالماضي .. جد كانت الحياه جداً جميله :)

Unknown يقول...



thank you

سعودي اوتو

Unknown يقول...


thx

كشف تسربات المياة
غسيل خزانات
شركة نظافة عامة


نقل عفش يقول...

تدوينة جيدة بارك الله فيك
وبالتوفيق ان شاء الله