الأحد، 17 يناير 2016

بين قلعتين

ما أجمل أن تعايش التاريخ في فترة أخرى فترة الهدوء بعيداً عن صخب معاركه ورائحة باروده، بعيداً عن قسوة الاحتلال تتجول بين تفاصيله وتنساب كما ينساب الماء في جداوله، قارئاً متمعناً وسائحاً متمكناً متقناً لمسات الفن والجمال في عصر سبقك ربما بمئات السنين وربما أكثر من ذلك.
هذا ما أحسست به وأنا أتصفح كتب الأستاذ الكويتي الرائع صالح تقي (بين قلعتين) ،الذي أبدع في كتابه بلغة فنية رائعة، أوجز من خلاله روائع التاريخ بين القلعتين (العمانية والبرتغالية) ،تحدث في كتابه بلغة التاريخ ممزوجة بروعة السياحة بين عمان وبين البرتغال، بين مسقط ونزوى ولشبونة، في عرض جمالي رائع يحفزك لزيارة البلدين والاطلاع على كنوز وجماليات التاريخ المعروض وبقاياها على موانئ البلدين ،وصور التطور بين البلدين في المجال التاريخي وبعض أهم سمات الأسواق والبضائع المعروضة .
إن عمان والبرتغال تجمعهما علاقة قديمة تمثلت باحتلال دام طويلاً بعدها ثورة عمانية أدت إلى زوال هذا الاحتلال وانسحابه بل وملاحقته حتى شرقي أفريقيا وإجلائه منها نهائياً .
إن الكتاب المذكور أعلاه هو بمثابة دليل سياحي تاريخي تعيش فيه أجواء البلدين، افتتحه بمدينة مسقط ولؤلؤتها “مطرح” ذات الميناء المهم الذي تطرح فيه البضائع وينزل فيه السياح من شتى أنحاء المعمورة وإن أصبح الآن ميناء سياحياً فقط بعدما تم تحويل النشاط التجاري منه إلى ميناء صحار، ركز الكاتب أيضاً على قلعتي “الجلالي ” و”الميراني” كونهما من القلاع الرائعة في عمان يتوسطهما قصر العلم العامر بكل شموخ، ثم عرج على مدينة نزوى التاريخية والتي تصادف وجوده مع إعلانها عاصمة للثقافة الإسلامية لعام 2015م ،تجول في سوق نزوى التراثي وما فيه من فخاريات وفضيات تسلب الألباب يداعبها بعدسته التقاطات رائعة لينتقل إلى القلعة الدائرية “الشهباء” بهندستها الدائرية وجدرانها التي صمدت أمام الأعداء، يسبر أغوارها زاوية زاوية مسجلاً دهشته مما رآه هناك .
وفي الشق الثاني من الكتاب يبحر بنا المؤلف نحو لشبونة عاصمة البرتغال الدولة التي كان لها الرئاسة في خطوط الاكتشافات البحرية في حقبة زمنية كبيرة، لشبونة العاصمة الساحرة بمتاحفها وقلاعها وقصورها المميزة بمنازلها وأسواقها التي لا تخلو من التأثير العربي في هندستها .
الكتاب جميل جداً أنصح بقراءته، وعلى حسب تواصلي مع المؤلف قال بأنه سيتوافر في معرض الكتاب القادم بمسقط، قراءة ماتعة وسياحة جميلة أتمناها لكم بين القلعتين.

http://alwatan.com/details/92538

ليست هناك تعليقات: